وقف يا اسمر.


حدثتنى عن هواها وحبهــــــــــا
قالت؛ انت كتير حارق قلبها
وبتستحى تقنك وبتخاف الملام :(

وقف يا اسمر..


09‏/06‏/2008

كل شيء من اجله







- المعبد المهيب..
معبد أبو سمبل الكبير..الواجهة الضخمة المهيبة.. التي هي عبارة عن أربعة من أكبر تماثيل الملك(رعمسيس2) وهو جالس تلك الجلسة الوقور..وذلك الحجم الذي يدل علي أن الملك يعتز بذاته الملكية والإلهية كثيرا و........... لإخافة أعداءه..
بعد الواجهة تأتي الصروح المتتالية التي هي علامة (الأخت= الأفق) وفيهم تتبعثر تماثيل الملك هنا وهناك..إلي أن نصل لمقصورته..والتي يضع بها تمثالا له بجانب الإله(آمون رع)..(بتاح)..(رع حور ختي)..
* * *
تطلع الملك(رعمسيس2) مبتسما بعدما تجول في المعبد الجديد المختار مكانه بعناية..متطلعا إلي وجه ذلك المهندس الماهر الذي قال له أخر شيء يسعده..وهو أنه سيتم افتتاح المعبد في بداية الشهر القمري..فابتسم الملك صامتا..
* * *

مصر أيام الحملة الفرنسية...
الكثير من العلماء الفرنسيين هنا وهناك.. الكثير منهم في الدلتا والكثير منهم في القاهرة والكثير منهم في الجنوب..
وليكن تركيزنا مع أحد العلماء الذين في الجنوب..
حيث أن العالم (بيير) رأي الكثير من المعالم الباقية كما هي أزلا..ورأي وأخذ الكثير من الآثار الصغيرة المنقولة..أما الغير منقولة فتمني نقلها ليشاهدها أقرانه من الفرنسيين بفرنسا..وقد صمم مع أقرانه علي فعل شيء جديد يكتب أسمه في الكتاب التاريخي الذي سيكون(وصف مصر).
* * *
_" يا مولاي الملك..لقد فعلت ما أمرتني جلالتك به..وفي اليوم المحدد سيحل نور ( رع) إلي مقصورة المعبد لينير وجه جلالتك يا مولاي الإله".
قالها ذلك المهندس بنصف انحناءة للاحترام أمام الملك الجالس (رعمسيس2) علي عرشه..والذي يبتسم قائلا:
_ "هذا عن يوم ميلادي..فماذا عن يوم تتويجي؟".
فقال له المهندس بسرعة خشية أن تسقط منه الكلمات:
_ "طبعا..طبعا..يا مولاي.. وكذلك سينير وجه جلالتك بيوم التتويج كذلك..كما تريد تماما يا مولاي".
* * *
تمثال (رمسيس الثاني) القابع في معبد أبو سمبل..إن كبر حجمه حير الكثير من العلماء..وهناك علي تلك الجدران تلك النقوش الجدارية الذي سيعرفها العلماء فيما بعد- بعد اكتشاف حجر رشيد واللغة المصرية القديمة- باسم معركة (قاد ش) الشهيرة ..
وقف العالم (بيير) حائرا أمام تلك النقوش إلي ما ترمز وماذا تقول؟!.. وبجانبها يقف تمثال الملك شامخا وبجانبه قاعدة ضخمة تدل علي وجود تمثال أخر مماثل لذلك التمثال لكنه متحطم واقع علي الأرض الصخرية.
- الحيرة تغلب عقل العالم..منبهر بتلك الحضارة..جاهزا لفعل أي شيء من أجل أخذه..مهما فعل..
* * *
إنها ليلة رأس السنة المصرية والتي هي من فصل( آخت= أي الفيضان) ..حيث سطوع القمر بدرا في السماء الفرعونية.. إن تلك الطقسة معروفة عند المصري القديم باسم "إعطاء البيت لسيده" أي افتتاح المعبد وتكريسه للإله( آمون رع)..
وبعدها يأتي الملك (رعمسيس 2) في موكبه العظيم لأداء المهمة المقدسة.. فقام جلالته بوضع تمثال للإله (آمون رع) وتماثيل الآلهة الأخرى بصورة رمزية..لتشهد الاحتفال.. ومن ثم قام جلالته بوضع الدهون العطرة علي تمثال المعبود.. وقد قام الكهنة من حوله بإشعال المشاعل..وبدأ جلالته بالطرق علي باب المعبد ربما لطرد الأرواح الشريرة..
بعدها سلم الملك المعبد لصاحبه وقدم القرابين والأضاحي..
* * *
_ "كما أخبرتك يا سيدي!".
_ "لكن يا(بيير) الفكرة صعبة التحقيق..جدا.. لا كما تتوقع أن تكون".
_"يا سيدي (نابليون) أنها لو تحققت لفتحت لنا أبواب النعيم!".
_"كيف؟"..
_"لك أن تتخيل أن كل الآثار التي نريدها سنأخذها..والمصريين لا يشعرون".
_ "لكن يا(بيير) لقد حاولت كسر التمثال القائم بقرب الأهرامات.. فلم أستطع غير أني فقط كسرت أنفه وأخذت لحيته..فقط!!".
_ "لو ساعدتني يا سيدي..سيكون هذا أخر مطلب لي في حياتي؟!.. أرجوك يا سيدي؟!.. أأمر بأن أخذ نقالات وعمال وننقل هذا التمثال العظيم؟!".
_ "أنا لا أعرف المستحيل".
قالها(نابليون بونابرت) مفكرا وبعدها قال له:
_ "لك هذا يا(بيير).. ولكن كيف؟".
ابتسم( بيير) ابتسامة رضا وشرح لقائده كيف؟!..
* * *
في شهور(الصيف)..
النقالات الكبيرة المعدنية والعمال الماهرين يحاولون جذب التمثال..تمثال الملك (رمسيس2) الذي بهر العالم (بيير)..
جذب العمال التمثال الثقيل واضعين إياه علي نقالات ليذهبوه لذلك المركب الراسي بقرب المعبد في النيل..
والآن..
التمثال موضوع بطريقة أفقية علي مركب ضخم يستوعب الحجم المهول.. والكثير من العمال الأقرب إلي ملاحين..علي الصفين والذين عليهم بأن يوصلوا التمثال عبر النيل إلي مقر القيادة في القاهرة ومن بعدها إلي الإسكندرية عبر فرع رشيد ومن ثم إلي مثواه الأخير في باريس..
* * *
_ رائع.. التمثال سيصل إلي هنا في خلال شهرين..رائع!!.
قالها(نابليون) مبتسما واضعا يده في فتحة سترته العسكرية عندما وصله هذا الخبر الميمون من العالم (بيير).
* * *
التمثال المسترخي فوق صفحة النيل الرقراقة.. وخدمه الملاحين علي جانب المركب الضخم.. ينقلونه.. أنهم الآن قد وصلوا إلي ثلاثة أرباع المسافة أي أنهم علي مقربة من منطقة (بني حسن) الأثرية.. وكان قد استغرقت الرحلة قرابة الشهرين وستأخذ نفس الوقت لطول المسافة,
لكن ..وفي ذلك الوقت بالتحديد من أيام فصل الفيضان..كان أحد العمال المصريين يعرف بأن الفيضان قادم لكن الأفراد الفرنسيين استهانوا بحديثه..ولم يعروه أي اهتمام.. ومع استمرارهم في العناد لم يجد العامل المصري ومن معه من عمال إلا أن يرحلوا.. فقاموا بالغطس في النيل إلي أن وصلوا لأحد الضفتين الأقرب إليهم..
أما الفرنسيين فكانوا ينفذون الأوامر العليا فحسب..
* * *
توفي الملك (رعمسيس 2) وتولي من بعده ابنه الملك (مرنبتاح) أحد أبنائه من زوجة غير شرعية..
* * *
جاء ميعاد فيضان النيل.. فارتعد الكثير من الجنود والعمال الفرنسيين من ذلك.. وحاولوا بأن ينقذوا أنفسهم والتمثال..لكن أنفسهم سبقت التمثال.. فتركوه وغطسوا حتى الضفتين..وغاص التمثال في قاع النيل..
* * *
_"ماذا تقول؟!".
قالها (نابليون) عندما سمع الخبر المشئوم من(بيير) الذي ينتحب بشدة من جراء ما حدث..
_"وماذا ستفعل بعد ذلك يا(بيير)؟!".
جاوبه(بيير) باكيا بصوته فلم يستطع الكلام..فالموقف أكبر منه..حيث غرق التمثال الذي هام به حبا لم يكن بالأمر الهين.. فربط (نابليون) علي كتفه واعدا إياه بأن يفعل شيئا من أجله..
* * *
_"يا سيدي إن شهرين قد مضيا ولم يحدث شيء..يخيل لي يا سيدي إن الفيضان سيظل إلي الأبد!!".
_ "لا تقل ذلك يا(بيير) فأحد العلماء الذي كلفته أخبرني بأنه لن يظل إلا لبضعة أسابيع أخري فقط".
_ "أتمني ذلك يا سيدي.. أتمني ذلك حقا!!".
* * *

مضت شهور فصل الفيضان الأربع..
وبعدها بدأت شهور الشتاء والحصاد الأربع..
والتمثال مازال محطما قابعا بقاع النيل..
* * *
عندما أتي فصل(الصيف) جاءت فرحة(بيير) عارمة عن انحصار ماء النيل وانخفاض ماءه..فأمر العمال بأن يذهبوا لمنطقة(بني حسن) لانتشال التمثال من القاع.. وذلك عن طريق الحبال والأوتاد الخشبية وغيره..
وتم بنجاح انتشال التمثال المحطم في كل أجزاءه من النهر والأوحال وبقي مبعثرا علي الضفة الشرقية ينظف من الطمي العالق لمدة شهرين آخرين..وبعد تجميعه تم نقله عن طريق مركب ضخم مجهز بالعمال والملاحين والعتاد ليذهب للقاهرة ومن ثم الإسكندرية ومن ثم مباشرة إلي باريس..
* * *
بعد تجميع التمثال وتجهيزه ..
_ "لك أن تفخر به حقا يا(بيير)؟!"..
قالها(نابليون) الواقف أمام التمثال منبهرا هو الأخر بصنعه..ومن ثم ابتسم لـ(بيير) ابتسامة تنم عن الرضا..
الرضا التام المسيطر..
* * *
التمثال يقف الآن بين جنابات ذلك الميدان الشهير بباريس والذي سيقام من حوله المتحف ليكون أول الآثار المصرية التي ذهبت إلي هناك والتي لم تكن أخرها..
* * *
بعد أسبوعين..
وصلت برقية لـ(نابليون) من أحد أقارب العالم (بيير) تخبره بأن العالم الأثري( بيير فالكون) مات بنوبة صرع شديدة واقعا أمام التمثال في الميدان..



زهره

ليست هناك تعليقات: